المدونة
الفصل الأول: سلطان – عبير البداية وهيبة الجد عرب

الفصل الأول: عطر سلطان – عبير البداية وهيبة الجد عرب
في ركنٍ مظلم من مكتبة الجد عرب،
وُجد صندوق خشبي صغير مغلق بإحكام،
عليه نقشٌ باهت لكلمةٍ واحدة: سلطان.
لم يكن أحد يعرف ما بداخله.
وعندما فتحه الأحفاد بعد عقودٍ طويلة،
انتشرت في الهواء رائحة دافئة، قوية، آسرة…
كأنّ الزمن انحنى احترامًا لحضورها.
كانت هذه هي أول مرة يستنشق فيها أحدهم عطر سلطان منذ أكثر من خمسين عامًا.
البدايات لا تُنسى
بحسب المذكرات القديمة التي عُثر عليها بجانب الزجاجة،
كتب الجد عرب في هامش الورقة بخطٍ مائلٍ بالكاد يُقرأ:
هذا أول ما خَلقت يداي…
خليطٌ من المسك والعود والتوابل،
عطر الرجل الذي يعرف من هو،
ولا يحتاج أن يُقال عنه شيء.
كان عطر سلطان أول تجربة مكتملة للجد عرب،
العطر الذي وُلِدت معه أسطورة أرابيڤا.
صنعه في أواخر الستينيات ليجسد الهيبة العربية في أنقى صورها.
لم يكن يبحث عن الرقة، بل عن القوة الهادئة،
عن حضورٍ يدخل الغرفة قبل صاحبه،
ويبقى بعدها طويلًا… كذكرى لا تبهت.
تركيبة العطر الأصلي
- على الصفحة المقابلة للوصفة الأصلية،
وُجدت مكونات العطر مكتوبة بعناية نادرة: - مقدمة العطر: الفواكه المجففة، الورد الدمشقي، الفواكه المسكّرة، الفراولة، التفاح، النوتات الحارة، الأناناس، الهيل، الخوخ، القرفة، القهوة، الكشمش الأسود، جوز الهند، البرغموت، الكمون، الفلفل، البرتقال الحلو، الفلفل الوردي
- قلب العطر: العود، الورد، الزعفران، خشب الصندل، خشب الأرز، الياسمين، الأميريس، زيت السيبريول أو النجارموثا، السوسن، الكزبرة، البنفسج، زنبق الوادي
- القاعدة: البخور، الدخان، الفانيليا، الجلد، العنبر الرمادي، خشب الصندل الأبيض، خشب الغاياك، بلسم بيرو، اللابدانوم، الكهرمان، الزباد، التونكا، الباتشولي، نجيل الهند، الطحالب، خشب البلوط
مزيجٌ لم يكن مألوفًا في زمنه.
كان عرب يوازن بين الشرق والغرب في زجاجة واحدة،
كأنه يكتب سيرة العرب بالعطر،
ويحفر اسمه في ذاكرة كل من يشمّه.
التجربة
حين أعاد الأحفاد تركيب الوصفة بعد عقود،
اكتشفوا أن “عطر سلطان” ما زال يحتفظ بقوته رغم الزمن.
تفوح منه رائحة الفواكه الحارة أولًا — جريئة، متوهجة، مليئة بالحياة.
ثم تهدأ تدريجيًا لتفسح الطريق أمام العود والجلد،
قبل أن تغمره الفانيليا والعنبر في نهاية دافئة تشبه غروب الصحراء.
هو عطر الهيبة الصامتة — لا يصرخ، لكنه لا يُنسى.
عطر يُعيد تعريف الرجولة والأصالة،
كأنه مرآة للجد عرب نفسه:
رجل صنع من الصبر مجدًا، ومن العطر لغةً لا تُترجم.
الرمزية في الرواية
عطر سلطان هو الفصل الأول من الأسطورة،
هو النغمة الأولى في سيمفونية أرابيڤا،
العطر الذي مثّل روح الجد عرب وشخصيته قبل أن تبدأ قصة حبه مع إيڤا.
هو البداية التي حملت معها كل ما سيأتي لاحقًا:
الفخامة، الشغف، الذكرى، والخلود.
خاتمة الفصل
عندما أُعيد إطلاق “عطر سلطان” بعد أكثر من نصف قرن،
كان وكأنه تحية للجد عرب نفسه.
نفس المكونات، نفس الروح، نفس الحكاية،
لكن بزجاجة جديدة تحمل توقيع الجيل الذي ورث العطر ليُعيده إلى الحياة.
وهكذا، عاد سلطان من بين الغياب…
ليُعلن أن الأسطورة لم تنتهِ بعد،
بل ما زالت تتنفس في كل رشةٍ من عبيره.
الفصل القادم: سلطانة – وعد الحب الذي لم يبهت
عطر صمّمه الجد عرب بيده، تخليدًا لامرأة واحدة فقط…
“إيڤا” التي جعلت من الحبّ رائحة، ومن الذكرى خلودًا.






